كلمة الخريجين
في حفل لا ينسى لتخرّج دفعتي من قسم اللغة العربيّة، في الجامعة الأردنيّة، دفعة 2009، بحضور أساتذتنا الكرام وزملائنا تشرفت بأن ألقيت كلمة الخريجين،كتبتها بنبض القلب، أضعها بين أيديكم :
بسم الله الرحمن الرحيم
رئيسَ
قسمِ اللغةِ العربيةِ ، الأساتذة أعضاء الهيئةِ
التدريسيةِ الكرام ،
الإخوة
الخريجين والخريجات ، الحفل الكريم:
سلامَ الحُبِ والعرفان والذكرى
نزجيه لمقامِكُم
الكريمِ .... ورحمةً من الله
وبركات...أمَّا بعد:
على أعتابِ أربعِ سنواتٍ من العمُرِ تنقضي، تتوج مرحلةً لا تُنسى، أربعِ سنواتٍ بحجمِ العمُرِ كلِّه ،والذكرياتِ كلِّها، والعطاءِ كلِّه، أربعِ سنواتٍ نقشتْ في الوِجدانِ أروعَ ذكرى، وخلَّدتْ في الرُّوح أسمَى معنًى ، انقضتْ كلمحِ البَّصرِ .... بل هي أسرع،
نَتذكَّرُ تماماً روحَ المُفاجأةِ والتَّرقُّبِ الذي عشنا فيه أولَ يومٍ لنا في الجامعة ، نتذكرُ كلَّ المواقفِ الطريفةِ التي مررنا بها ونحن سنافرُ في سنتنا الأولى ، وتمرُّ أمامَ أعينِنا أيامُ التَّسجيلِ وفتحِ الشُّعبِ وإغلاقِها ... والامتحاناتُ والأبحاثُ والعلاماتُ،... نتخيلُها جبالاً تنوء بالكواهلِ ونحن في سنتنا الثانية، وفي السَّنةِ الثالثةِ نَمَى الحبُّ وتَوَثَّقتِ العُرَى واستحكمتِ الألفَةُ بيننا والجامعةِ ، وفي السَّنةِ الرَّابعةِ إذْ نغدو ونحنُ الأكبرُ عمُراً والأكثرُ خبرةً أمامَ أقرانِنا فنتباهَى أمامَهمْ بما نملكهُ من خبراتٍ ومعارفَ وكأنَّا لم نكُ يوماً أغراراً في هذا المكان ...
بعدَ
كلِّ هذا ... كمْ يَعُزُّ الرَّحيلُ ! ويصعبُ الوداعُ !
إذ
نذكرُ رجفةَ أيدينا على مِقبض البابِ إذْ نصلُ إلى المحاضرةِ متأخرينَ ، إذ نذكرُ
لعثمةَ الكلماتِ على شِفاهِنِا إزاءَ سؤالٍ صعبٍ أوْ مُباغتٍ من أساتذتِنا ..
وخفقةَ قلوبنِا في تَرقُّبِ نتيجةِ مادةٍ ما ... وعناءَ الدِّراسةِ لها إذ نذكرُ
كلماتِ قصيدةٍ بصوتٍ شفيفٍ لأستاذٍ من أساتذتِنا فتحنُّ قلوبنا لمقعدِ الدراسةِ
وللقاعةِ وللمطرِ يطرقُ الشرفاتِ ويمطر ويمطر ليُحيَ الذَّاكرةَ .
نذكرُ
نصيحةَ أستاذٍ ، كلمةَ تعزيزٍ وشكرٍ، حتَّى كلماتِ التَّقريعِ ... نذكرُها بحبٍّ
وتَحنانِ، ونستعرضُ أربعَ سنواتٍ فتُطلُّ صورُ الأحبابِ الذينَ التقيناهم، وغيروا
فينا وأثَّروا في حياتِنا وأثرَوْها، وحمَّلونا دَيْناً لنْ نُوفي سدادَهُ أبدَ
الدَّهرِ ... أساتذةً وأصدقاءً ..
نذكرُ
خضرةَ أشجارِ السَّروِ تُعانقُ زُرقةَ السَّماءِ، نذكرُ ربيعَ الجامعةِ وورودَهُ
وأزهارَهُ ، نذكرُ الخريفَ وذبولَه وصمتَه، نذكرُ الشَّتاءَ والمطرَ ودفءَ الحبِّ
فيه... ونذكرُ الصَّيفَ وعناءَ الدِّراسةِ فيه،
للطبيعةِ
في الجامعةِ ذكرياتٌ أخرَى، وفصولٌ أخرَى وسحرٌ آخرُ ، ويْكأنَّها عالمٌ له شمسهُ
التي تُشرقُ عليه وَحدَهُ ، وسماؤه التي تُظللُهُ وَحدَهُ، ولها قلبٌ يَنبِضُ
بحبِّنا لها ..
وها
قدْ مضتْ هذه السُّنونَ... فهلْ ننسَى ما كانَ فيها ..!
أربعُ
سنواتٍ كانَ بيننا ومنَّا الفاعلُ والمفعولُ، والمبتدأُ والخبرُ ، كان فينا
التمييزُ والاستثناءُ والتَّابع والمتعلقُ، قرأنا فيها سُمرةَ عنترةَ ، وسامرنا
لهوُ ابنُ ربيعةَ، وتلاطمتْ بنا أمواجُ بحرِ المتنبي، وحملنا دموعَ ابنَ زيدون،
وتفيأنا ظلالَ درويش ، عشنا هذا في حبٍ مَنَحنَاهُ معَ المحاضراتِ من أساتذتِنا
الكرام، فلكلٍ منهمْ بصمةُ مميزةٌ فينا، وقَبسٌ قبسناهُ من شخصياتِهمْ وروحٌ
خفاقةٌ جالتْ بنا، بابتساماتِهم وغضبهم، برضاهُم وبسخطِهم ، بالواجباتِ والقصائدِ
والقواعدِ بقوائمِ الحضورِ والغيابِ، وعيونِهم التي حفرتْ في قلوبِنا حبَّاً
وإجلالاً لا تمحوه الأيامُ، وسنظلُّ نعتزُّ بكم – أساتذتَنا- وبأنَّنا تتلمذنا على
أيديكم، ونهلنا من علمكم وحظينا باهتمامِكم وبحبِّكم ...
"ولولا
كونُكم في النَّاس كانوا هراءً كالكلامِ بلا معاني"
الأساتذة
الكرام ... الأخوة الخريجين :

إخواني الخريجين :
نقفُ على أعتابِ التخرج نرقبُ طموحاتٍ المستقبلِ وأحلامِهِ الورديَّةِ، بينَ العملِ و الدِّراسةِ والزَّواج، نسألُ ماذا سنضيفُ لهذه الحياة ؟ مستذكرينَ قول الرافعي "إذا لم تزدْ على الحياةِ كنتَ زائداً عليها " في زمن أصبحتْ فيه الأعدادُ وأصبحتِ الأرواحُ مكرورةً ، لا تعبقُ بفرادَةٍ أو عمقٍ أو أهدافٍ ساميةٍ ...
و إنْ لم تكنْ تملكُ رسالةً تقدمَها للعالم، إنْ لم تملك فكرةً توضحُها للنَّاسِ تدعوهم لها، إنْ لم تتشبعْ بعقيدةٍ جازمةٍ في قلبك، تُغيّر بها مسارَ الإنسانيَّةِ، أو تساهمُ في تغيرهِ، أو فلنقلْ: تُمهدُ الطريقَ بها لغيركَ كي يغيرَهُ، فأنا ألحُّ عليكَ أنْ تخبرَني ما قيمتًك ؟
في واقعٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ معقدٍ، لانرى فيه بصيصَ أملٍ "ظلماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ" فلنجعلْ لأمتنا نصيباً من طموحاتِنا ومن عطائِنا ... كلٌ في ميدانه، كلٌّ على ثَغرٍة فلا يُؤتينَّ من قبله، ولنتذكرْ أنَّ وطننا الحبيبَ يحتاجُ كلَّ جُهدٍ شبابي في سبيلِ نهضتِهِ، وأنَّ لنا أوطاناً ضائعةً وأنَّ القدسَ وفِلسطينَ مازالا وجعاً في القلبِ نَحملُ همَّهُ جيلاً إثرَ جيلٍ، وأنَّ الجراحَ والآلامَ على خارطةِ الأمَّةِ كثيرةٌ، وأنَّنا نملكُ سلاحَ العلمِ والمعرفةِ قوةً إزاءَ شتات بوصلة جامعة للأمَّة.
الأساتذة الكرام، إخوتي الخريجين، الحفل الكريم:
مع سويعات التَّخرجِ يخفقُ القلبُ، وتجولُ فينا الخواطرُ، وتزْهِرُ الأمنياتُ ...
فعسى اللهُ أنْ يحققَ لكم كلَّ ما ترجونَ وأنْ يكللَ حياتَكم بالخيرِ والعطاءِ والمحبَّةِ ..
دمتم بهمَّةٍ وسعادةٍ والسلام عليكم ورحمة الله
أرفع لك القبعة، بارك الله فيك عزيزتي♥♡.
ردحذففاطمة
أشكرك وأتشرف بكلماتك..!
حذفأشكرك وأتشرف بكلماتك..!
حذفما شاء الله كلماتك رائعة نقلت المشاعر بحق .. استأذنك بإلقاء هذه الكلمة في حفلنا لانها حقاً نقلت ما كنت أود قوله وشكراً
ردحذف
ردحذفاشكرك على كلماتك الرقيقةوااحترامك لكل من علمك حرفا