مذكرات قمر صغير
قررت نشر هذه الكلمات ثلاث مرات
وفي كل مرة كنت أُحجم أما هذه المرّة فلا..!
على هذه الكلمات أن
تغادرني اليوم، تصفيفها وتوضيبها يحتاج وقتاً لا أمتلكه، ولذلك فليسامحني الأعزاء
على قراءة هذه الكلمات المبعثرة، على كل حال فإنها لا تختلف عن الواقع المبعثر
كثيراً..!
الكتابة عبء أم راحة؟! لا
أعرف، أبيت أياماً وليس في بالي أحدٌ أغبطه أكثر من الذين يكتبون بانطلاق، مهما
كان ما يكتبونه، فهم على الأقل قادرون على قول ما يريدون، يخرجونه من صدورهم من
مجرى التنفس وحيز النبضات ودفقات الدم، يخرجونه من حيث كان ثقلاً وعبئاً على كل نَفَس،
لا يهم ماذا تكتب بقدر كونك تكتب ما تريد، الذين يكتمون كلماتهم يظلمونها ويظلمون
أنفسهم ويُظلمون، لا أستطيع أن أصف مقدار سعادتي بتلك الكلمات البسيطة التي تخرج
مني، إنها على صغرها تفسح مكاناً للتنفس!
***
بعدما تقرأ ما تقرأ وتعيش
بين الكتب قليلاً، تتساءل هل بقي من معنى لم يسبق إليه أحد، وهل من غاية ما زالت
تعتمل في نفوسنا علينا أن ننالها؟ وهل مازال في هذا الازدحام العارم حيز لاسمنا
الصغير..؟
كثرة ما تقرأ تجعلك تصمت،
تسكت عما تريد، تُسخِّف ما تكتب،
إذ لماذا نكتب؟ إذا كان ما
نكتبه رهناً بظروف خارجة عن إرادتنا؟ في بعض الأحيان.. ومن بوسعه أن يقرر يوماً ما
قيمة ما نكتب؟!!
بل لماذا نفعل الذي نفعله،
ليس فقط الكتابة بل العمل والتضحية والتشبث بأحلامنا والفناء يلف هذا الكون، لاشيء
باق، وقد تذرو الريح ما نخطه بمداد قلوبنا؟!
***
ما فائدة أن نصبح حكماء
وحيدين!؟
ما فائدة أن ننال الحكمة
ولكن بعد أن نتألم ونبكي ونخسر الكثير، ونبقى نعلل أنفسنا "في الأفق تجارب
أهم نُعدّ لها!"
ولماذا مع كل تشاؤمنا تبدو
الحياة أصعب مما نتصور.. !؟
لا شيء نواري به
خجلنا وانكسارنا وعجزنا المفاجئ عن أي شيء..
عندما تعي أن قد خاب ظنك
وخابت مساعيك..وإن كان الأمر مازال مبكراً على النهاية!
... لا يبلى ثوب الحزن
أبداً، دوماً نمنح فرصة لحزن جديد، ودموع جديدة!!
والصدمة التي تقابلها
تعلمك أنك كنت قبلها في نعيم!
الصدمة التي تقابلها تعلمك
أن لا تخطو ولا ترهق نفسك في أي محاولة جديدة أصبحت تخاف ... تخاف
كل شيء تخشى حتى نفسك ..!!
***
على الفتاة أن تكون في
تصنيفات لا تتسع كثيراً:
الفتاة العاقلة المتزنة،
المنطقية، التي تفني عمرها في المكتبة، وتحترف الحديث عن القيم والأفكار والمبادئ.
أوالفتاة الحالمة المجنونة
التي تحلم بصوتها الجميل وقدرتها المذهلة على الغناء، صاحبة القصص التي ترويها في
دقائق عن حياة طويلة عاشها أحدهم، تكتب وتحادث الجميع: ورد الجامعة، أشجار السرو
فيها، كنترولية الباصات المتعبين، محلات الطعام اللذيذ، سماء عمان حين تكون ساحرة،
هواءها حين يكون مشبعاً بألف قصة وألف رواية، العفويين الذين لا يتحرجون من الظهور
كما هم..
أيهما أنا لا أعرف، لأن
الحياة لا تسمح لك بأن تكون أنت..
في عقول أهل هذه
المدينة قوالب جامدة تشبه تلك الموجودة في أنظمة الآلات والحواسيب، فهم يتعرفون
فقط على الأشياء التي تمت برمجتهم عليها، وهم فقط قادرون على التعامل معك وفق التصنيفات
الموجودة في عقولهم، ويحبون بل يعشقون الجزء الظاهر منك، وحين يرون شيئاً منك شذّ
عن القالب المطبوع في أدمغتهم فإنهم سيعدونك خطأ أوخللا يجب إصلاحه!!
الفردية، الإبداع، الفضاء
الطلق الذي بوسع كل إنسان أن يفعل فيه ما يريده، هذه الأشياء يجب أن توجد، يجب أن
تكون، يجب أن ينتهي سجن التصنيفات، سجن القوالب، أغلال المناظر المعتادة، يجب أن
تنتهي.
***
الحب يجعلنا أجمل ، يجعلنا
نُظهر أجمل ما فينا ونكون أجمل ما يمكن أن نكونه.
الحب يجعل قلبك ينبض بقوة
يخفق في صدرك لدرجة تجعلك تريد إيقافه.
الحب يثير أسئلة كثيرة حول
العدل أوالاستغلال أوالخسارة وأشياء كثيرة.
الحب يجعلنا نتساءل هل على
الطرف الآخر أن يحبنا في المقابل، وإذا لم يفعل هل علينا أن نستمر في حبه؟!
لماذا يستطيع صغار السن
خوض تجارب عديدة في الحب أسرع ممن يكبرهم سناً؟ لأنهم مستعدون للمغامرة، وللتضحية
بأشياء كثيرة منها منظرهم أمام أنفسهم، الكبار خلقوا لأنفسهم هالات تحيط
بشخصياتهم، قواعد ونظريات وأفكار وكبرياء وتعجرف يمنعهم من الجنون، الحب يحتاج الجنون،
أن يدفعك شعورك دون أدنى تعقل أوتريث للتفكير، الحب فسحة القلب ليفعل ما يريده
وليوقف العقل بحساباته المادية الغبية!
***
من نحن؟ أُصرّ أننا لسنا
ما نطمح دوماً أن نصل إليه: خط النهاية، الخطاب التكريمي، الشهادة المعلقة على
الجدار، حفل الزفاف، المركز الأول، الوظيفة المرموقة، هذا ليس نحن، وإنما تكمن
ذاتنا في الرحلة المضنية التي قطعت كل هذا لتصل لشيء ما ولربما في أغلب الأحيان لم
تصل وتاهت بها الخطا، نحن كل تلك الأشياء التي تهتف بها قلوبنا طوال الوقت وذلك
الدأب الذي يملؤنا والتعب الذي يتلاشى حين نفكر في هذه النهاية التي لن نصل إليها
يوماً..
نحن الرحلة والمسير أما
حلم النهاية فهو الوهم الذي يقودنا لاجتراح كل إبداعنا وبذر كل مكنوناتنا... نحن
ما نحن الآن وليس ما سنكونه!!
كثير من الأحلام سنكتشف
لاحقاً أن لذة انتظارها فاقت كثيراً متعة عيشها..!
***
ما هو الأدب وما هو الشعر
وما هو الغناء هو ألم صيغ على نحو رقيق وجميل، هكذا هي الحياة تجعلنا نحتال على
آلامنا تارة باللغة وتارة بالفن وتارة بأشياء أخرى لا حصر لها، قد يُظهر
الألم حقيقة ما فينا..
أولعله هو الذي يستطيع أن
يظهر أجمل ما فينا ..!
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف