المشاركات

في أن تكون أنت

أدركت مؤخراً أنني منعت نفسي من الكتابة ومن النشر مرات كثيرة، فقط لأنني أعترف لقلمي فقط بحالة مثالية من الكتابة، مثالية بمعنى أن أكتب أحسن ما يمكن عن أفضل وأهم ما يمكن، بلا هفوات ولا فجوات! هذا هوس المثالية الذي أفسد عليّ كثيراً من حياتي!   لكنني كما أعاند الجميع، عاندت نفسي ونجوت بهذا النص هنا، غير المرتب ولا المهندم، لعله يكون أكثر صدقاً ومحاكاة لما أمرّ به!.. كل ما يمكنني فهمه من حياتي هذه أن كل شيء قائم على الصبر، النتائج العظيمة والآثار العميقة المستمرة تحتاج صبراً، بناءً مستمراً دقيقاً عميقاً، أما الفقاعات التي تجذب الأنظار، قد تثير ضجة، وتجذب حولها من المنبهرين والمصفقين، ولكن العبرة فيما يمكث في الأرض.   مأساة هذا الزمان تكمن في أنّ هؤلاء الصاخبين يستفزون من حولهم ليقدموا رد فعل ما، يشتتونهم، يشعرونهم بصمتهم وموتهم أمام تدفق الحياة في خطابات هؤلاء الحالمين،   يصوّرون الحياة فاتحة ذراعيها للمقبلين عليها، يبيعون الوهم تحت مسميات عدة، وأشكال عدة، ويجعلون من كل المتعثرين الصامتين مذنبين في أنهم لم يكونوا بهذا الحماس، ولم يبتسموا كفاية، ولم يجرعوا من ترهات ال...

كم لَبِثـنـا؟!

أكتب هنا عن العمر.. كثير من الأسئلة، وقليل من الإجابات! سأل أدونيس ذات مرة الشاعرة العراقية لميعة عباس عن عمرها في مجلس عام، متجاوزاً بذلك الذوقيات المتعارف عليها في هذا الشأن، لكنها لم ترتبك وأجابت: «عمري خمسة آلاف سنة». يعلق أحدهم "هل راوغت سليلة عشتار حين قرنت عمرها بعمر حضارتها ؟؟" قد ننجو من سؤال كهذا أمام الآخرين ولكن هل ننجو منه أمام أنفسنا؟ لا أفهم العمر أبداَ لا أفهم معنى هذا الرقم الذي يطلق علينا كل سنة، ولا أعرف لماذا أصاب بالذعر عندما أنظر إلى الساعة أو إلى التاريخ بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى كأنني لم أر شيئاً! صديقتي "الدكتورة" قالت لي مهنئة بحصولي على درجة الماجستير تحثني على مواصلة الدراسة "أنا ضيعت الثلاثين بس أخدت الدرجة" خفت أو لعلي اكتأبت بعد قولها، متى يمكننا أن نقول بأن عمرنا ضاع في سبيل تحقيق شيء ما! وما هي الأشياء التي تستحق أن نقضي هذا العمر فيها! وهل يا ترى قد نكتشف بعد هدر السنوات الطوال أننا كنا في المكان الخطأ أو أن جهدنا ليس ذا قيمة تذكر! وأننا فقط انسقنا لما يفترض من حولنا بنا أن نفعله فوجدنا أنفسنا أخيراً في هذه النت...

لماذا اخترت البلاغة؟

نوقشت رسالتي المُعنونة بـ(الجملة الخبرية والإنشائية بين النظرية والاستعمال في النثر العربي القديم والحديث : دراسة تطبيقية مقارنة في كتابي "جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب" لسيد أحمد هاشمي، و"مرفأ الذاكرة" لنخبة من الكتاب العرب) وأجيزت بتاريخ 20/12/2016. (أعتذر على طول العنوان!) ولما أعتقده من أهمية البحث البلاغي وضرورة تحرير الدراسات العلمية من أسر الرفوف وغبار الأدراج، لذلك فإني ارتأيت أن أعرّف - ولو بشكل بسيط- بدراستي، وبهدف البلاغة كما أراه، وبدور البلاغة الذي أطمح أن يغدو واقعاً.   فقررت نشر هذه الأجزاء من مقدمة رسالتي: "تناقش هذه الرسالة مبحثَي الخبر والإنشاء، وتهدف إلى قراءة صورة هذين المبحثين في التنظير البلاغي، وفي واقع الاستعمال؛ للإجابة عن سؤال رئيس هو: "هل وافقت الصورة النظرية للخبر والإنشاء واقع استعمالهما"؟ وهذا السؤال وإن كان خاصاً بهذين المبحثين إلا أنه اقتراح وسؤال مفتوح للبحث في البلاغة العربية بعامة، في مدى شمول النظرية البلاغية لواقع الاستعمال أولاً، وتساؤل عن مواطن الجمال ثانياً؛ كي تبقى البلاغة مسيسة الصلة بم...

مذكرات قمر صغير

قررت نشر هذه الكلمات ثلاث مرات وفي كل مرة كنت أُحجم  أما هذه المرّة فلا..! على هذه الكلمات أن تغادرني اليوم، تصفيفها وتوضيبها يحتاج وقتاً لا أمتلكه، ولذلك فليسامحني الأعزاء على قراءة هذه الكلمات المبعثرة، على كل حال فإنها لا تختلف عن الواقع المبعثر كثيراً..! الكتابة عبء أم راحة؟! لا أعرف، أبيت أياماً وليس في بالي أحدٌ أغبطه أكثر من الذين يكتبون بانطلاق، مهما كان ما يكتبونه، فهم على الأقل قادرون على قول ما يريدون، يخرجونه من صدورهم من مجرى التنفس وحيز النبضات ودفقات الدم، يخرجونه من حيث كان ثقلاً وعبئاً على كل نَفَس، لا يهم ماذا تكتب بقدر كونك تكتب ما تريد، الذين يكتمون كلماتهم يظلمونها ويظلمون أنفسهم ويُظلمون، لا أستطيع أن أصف مقدار سعادتي بتلك الكلمات البسيطة التي تخرج مني، إنها على صغرها تفسح مكاناً للتنفس! *** بعدما تقرأ ما تقرأ وتعيش بين الكتب قليلاً، تتساءل هل بقي من معنى لم يسبق إليه أحد، وهل من غاية ما زالت تعتمل في نفوسنا علينا أن ننالها؟ وهل مازال في هذا الازدحام العارم حيز لاسمنا الصغير..؟ كثرة ما تقرأ تجعلك تصمت، تسكت عما تريد، تُسخِّف ما تكتب،  ...

مُذكراتُ ليلٍ لا ينقضي

لا يجدر بمزكوم أن يكتب، لأنه لا يشعر بشيء إلا من خلال أنفه.. لكنه لو كتب حينها فإنه لا محالة يترجم شعورًا يُلحُّ عليه أكثر من أنفه المتورم .. أفكار ومشاعر تستبيح حياتنا وتطرقنا كعامل منجم ظل يضرب الصخرة يظن أنه نبي الله موسى، وأن الصخرة ستنفجر اثنتَي عشرة عينًا، ولكنها لم تفعل ولم يتوقف هو أيضًا عن ظنونه...! لا أصدق المذكرات كثيرًا لأننا ننتقي فيها ما نريد كتابته عن أنفسنا لا الواقع بالضرورة، ولأنها قد تغدو حِيلة العاجز... لكننا لا نكتب إلا حين نُثـْقلُ وتنوءُ قلوبُنا بما نحمل، حين تتوقف عجلة حياتنا عن الدوران، لأن آلاف الكلمات والمواقف والأفكار لم يعد لها متسع في رحلة جديدة، إذاً علينا أن نتخفف من عبئنا هذا بالكتابة..!       طموحات المستقبل.. هذا سؤال المرحلة بالنسبة لي.. سؤال ماذا بعد...! الأكثر إلحاحًا، وسخرية في آنٍ معًا..! ماذا ننتظر من المستقبل ؟؟ بالنسبة لي فإني مع الحروب الدائرة حولنا، ووصف الدائرة ليس عبثًا، إذ نحن نعيش حقيقة في منتصفها، ونراها تضيق شيئًا فشيئًا حتى تكاد تلتهمنا.. نعم سيأتي اليوم الذي تلتهمنا فيه هذه الحرب، ولكن الحمد لل...

قراءة في قصيدة "ذنوب الموت" للشاعر تميم البرغوثي

في مادة النقد الحديث مع أستاذي الكبير د.شكري عزيز ماضي ، قدّمت هذا البحث في محاولة لتطبيق بعض المعايير النقديّة التي تعلمناها، وقد نشرت جريدة صوت الطلبة هذا البحث لي مشكورةً ... ولعلكم تجدون فيه ما يفيدكم :  المقدّمة      قصيدة ذنوب الموت أو كما ترد حسب مطلعها دون عنوان كما القصيدة الجاهلية "قفي ساعة " من القصائد التي نالت حظاً من النشر الإعلاميّ، في الآونة الأخيرة، ونال قائلها د.تميم البرغوثي الشاعر الشاب حظوة واهتماماً إعلامياً أيضاً، رغم أن هذه القصيدة ذات طابع كلاسيكي إلا أن قوة الكلمات والمشاعر حقق ت لها صدى عند الجمهور العربي -الذي أضحى مفتوناً بموجات الشعر الحداثيّ- فهي تمس جرحاً غائراً في وجدانه، ولعلها إلى حد ما تعكس فكرة "نظرية المؤامرة" التي يؤمن بها كثير من العرب. أثارت هذه القصيدة اهتمامي لدراستها ونقدها لبعض أبياتها المؤثرة، ولم أستطع حقاً أن أستند إلى أيّ مصدر أو مرجع سوى شبكة "الإنترنت" لشحّ الدراسات حول الشاعر أوفلنقل إنه لم تكتب حوله دراسات بعد، وحول قصائده أيضاً. نص القصيدة قفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِل...